بقلم: نوره الصاعدي
من أين نبدأ حين تزدحم الأخبار وتتعدد الروايات؟
كيف نميّز بين الحقيقة والتضليل، بين ما هو موثوق وما هو مجرّد رأي؟
تلك كانت تساؤلاتي الأولى، التي لم أبحث لها عن إجابة فقط، بل جعلتها نقطة انطلاق لفكرة تحوّلت إلى مشروع إعلامي يحمل رؤية واضحة ومسؤولية حقيقية.
لقد عايشت كغيري من المتابعين حجم التشويش الإعلامي وانتشار الأخبار الزائفة، ورأيت كيف يمكن لعنوانٍ غير دقيق أو تغريدة مجهولة أن تُشعل الرأي العام، وتُشكّل وعيًا هشًّا مبنيًا على الظن والانطباع.
في هذه اللحظة أدركت أن المتلقي لا يحتاج فقط إلى من يقدّم له الخبر، بل إلى من يساعده على فهم الخبر، وتحليل أبعاده، والتمييز بين المعلومة والرأي.
من هنا، انطلقت فكرة “المعمل الإخباري”.
اخترت هذا الاسم تحديدًا لأنه يعكس جوهر الفكرة: المعلومة تحتاج إلى “تحليل” و”اختبار” قبل أن تُنشر.
كما أن المعمل في العلم هو المكان الذي تُفحص فيه النتائج وتُراجع فيها الفرضيات، كذلك أردت لمنصتي أن تكون مختبرًا للمعلومة… لا تمرّ عبره إلا بعد التحقق.
المعمل الإخباري ليس مجرد منصة لنشر الأخبار، بل هو مساحة نقدية هادفة، تعمل على ربط الجمهور بالمعلومة الدقيقة، ورفع الوعي الإعلامي، وكشف زيف الأخبار المضللة التي تسلّلت إلى يومياتنا عبر منصات سريعة ومن دون رقابة.
نعم… لم تكن البداية سهلة، ولا الادعاء بالوصول إلى “الكمال” مقبول، لكن ما نطمح إليه هو بناء بيئة إعلامية أكثر مسؤولية وعمقًا، تحترم عقل المتابع، وتمنحه أداة الفهم لا فقط موجز الحدث.
واليوم، وأنا أتابع خطوات “المعمل الإخباري”، أعود لأسأل نفسي دائمًا:
هل ما نقدّمه يقترب من الحقيقة؟
هل نُسهم في توجيه المتلقي نحو التفكير لا التلقّي؟
فكل سؤال جديد، هو بداية لخطوة إعلامية نابعة من قناعة بأن الحقيقة مسؤولية… وليست مجرد عنوان.