حاورته: شهد عبدالرحمن

تُعدّ مسألة تنظيم حركة السير وتشريعات المرور من القضايا الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة السكان في المدينة المنورة، حيث تتقاطع ملامح التاريخ مع متطلبات الحداثة. وتبرز أهمية هذه التنظيمات في الحفاظ على الروابط الاجتماعية والهوية الثقافية، من خلال مقاربة شاملة لإعادة تأهيل المناطق الحضرية وتحقيق التوازن بين الإنسان والتطوّر العمراني.

في هذا الإطار، أجرينا هذا الحوار مع المهندس المعماري عبدالرحمن الجهني، للحديث حول هذه القضايا، ومناقشة دور المشاريع العمرانية في تعزيز جودة الحياة.

مرحبًا بك مهندس عبدالرحمن. نبدأ حديثنا عن تأثير الحركة المرورية على الروابط الاجتماعية في المدينة المنورة. كيف ترى ذلك؟
في البداية، أشكركم على الاستضافة. أرى أن إهمال التنظيم المروري لصالح المركبات يؤدي إلى فقدان الكثير من الروابط الاجتماعية، إذ تحتاج المركبات إلى حيّز أكبر للوقوف، مما يتسبب في التلوث والإزعاج، ويؤثر سلبًا على جودة الحياة. المساحات الحضرية يجب أن تُعاد إلى الإنسان، لا للمركبة فقط.

هل هناك مشاريع عمرانية تعكس هذه الرؤية؟
بالتأكيد. مشروع “طريق قباء” مثال واضح؛ حيث تم إغلاق جزء من الطريق وتحويله إلى مسار للمشاة فقط، ما أتاح للناس الاستمتاع بالمكان والتنقل بحرية. هذا النوع من المشاريع يعيد الطابع الاجتماعي للمكان ويحتاج إلى تنفيذ دقيق وفقًا لمعايير السلامة والجمال.

كيف أثّر هذا التغيير على سكان المدينة؟
في السابق، كانت المخططات السكنية تفصل بين الجيران، مما أثر على النسيج الاجتماعي. من حق سكان المدينة المنورة أن يتمسكوا بمجتمع مترابط ومتواصل، وهذا ما تحاول هذه المشاريع استعادته.

برنامج “أنسنة الأحياء” حاز اهتمامًا واسعًا، كيف تراه؟
البرنامج ليس مجرد تطوير عمراني، بل مشروع اجتماعي يعزز من جودة الحياة. إنه يُعيد الإنسان إلى قلب المشهد الحضري، ويمنح سكان الأحياء شعورًا بالانتماء والراحة.

ما هي الجوانب الجمالية التي تسهم في نجاح المشروع؟
العشوائية العمرانية ولّدت تشوهًا بصريًا. من المهم إعادة إحياء الجانب الجمالي بطريقة فنية تعبّر عن هوية المدينة. واجهات المباني يجب أن تعكس ثقافة المدينة المنورة، وتمنحها طابعًا مميزًا.

حدثنا عن بعض الميزات المعمارية المستخدمة؟.
من أبرزها استخدام الشبابيك التي تتناغم مع الكتلة العمرانية، والرموز الإسلامية مثل القوس المخموس، إلى جانب اعتماد الحجر الطبيعي في رصف المساحات، مما يمنح المكان بعدًا تراثيًا وأصالة جمالية.

كيف تسهم هذه المبادرات في الحفاظ على الهوية الثقافية؟
هي استلهام مباشر من التراث المحلي. عندما نحترم الهوية الثقافية ونُظهرها في تفاصيل التصميم، فإننا نعزز من ارتباط السكان بمكانهم، ونخلق بيئة تعبّر عن تاريخهم وتقاليدهم.

ما توقعاتك لمستقبل هذه المشاريع؟
أتوقع أن تتحول هذه المواقع إلى وجهات نشطة تجذب الزوار والسكان معًا. ستسهم في تعزيز التلاحم الاجتماعي، وتمنح الأجيال القادمة رابطًا حيًا مع ماضيهم.

كلمة أخيرة تود قولها؟
هذه المبادرات تنقل المدينة المنورة إلى مستوى حضري جديد، أكثر إنسانية واستدامة. إنها تحول الأماكن المهملة إلى مساحات نابضة بالحياة، وتعيد صياغة العلاقة بين المكان والناس.