- شروق الجهني.
في السنوات الأخيرة شهدت الرياضة في المملكة العربية السعودية تحولًا كبيرا حيث أصبحت من أهم الأولويات التي تحظى بدعم حكومي غير مسبوق، وذلك ضمن رؤية السعودية 2030 التي تسعى لتطوير مختلف المجالات بما فيها القطاع الرياضي، فلقد انتقلت الرياضة من كونها نشاطًا ترفيهيًا يمارسها البعض إلى مجال احترافي يساهم في تحسين صحة المجتمع وتعزيز الاقتصاد وإبراز صورة المملكة على الساحة الدولية.
من أبرز ملامح هذا التطور هو تأسيس أكاديميات رياضية متخصصة تهدف إلى صقل المواهب الشابة وتأهيلها للاحتراف على أعلى المستويات، هذه الأكاديميات توفر بيئة تدريبية متكاملة و تستعين بمدربين وخبراء على مستوى عالمي مما يتيح للمواهب السعودية أن تخوض تجربة احترافية متكاملة دون الحاجة للسفر إلى الخارج، إن هذه الأكاديميات ليست مجرد مراكز تدريب بل هي مؤسسات تعليمية وتثقيفية تسهم في بناء شخصية رياضية تتبنى قيم الانضباط والعمل الجماعي والإصرار على النجاح، وعلى مستوى الأندية الرياضية شهدنا تحولًا ملحوظا في إدارة الأندية واستراتيجياتها حيث تحولت الأندية السعودية إلى كيانات شبه تجارية تسعى لتحقيق نجاحات رياضية واقتصادية، وتبنت استراتيجيات الاستثمار في المواهب المحلية والتسويق الدولي وقد ساهم هذا التغيير في رفع مستوى التنافسية بين الأندية وادى إلى جذب المزيد من الاستثمارات والشركات مع شركات دولية.
ولا يمكن الحديث عن واقع الرياضة السعودية دون التطرق إلى استضافة المملكة لأحداث رياضية كبرى على مستوى عالمي، مثل سباق الفورمولا ١ وفعاليات المصارعة وكاس السوبر الإيطالي والأسباني، هذه الفعاليات لم تسهم فقط في تعزيز السياحة بل أسهمت أيضا في بناء جسر تواصل ثقافي مع العالم، كما أنها قدمت صورة جديدة عن المملكة كمركز رياضي عالمي قادر على استضافة وتنظيم أكبر الأحداث، لكن رغم هذا التطور يبقى هناك تحديات تحتاج إلى المزيد من العمل والاهتمام فعلى سبيل المثال لا تزال الرياضات النسائية تحتاج إلى دعم وتطوير أكبر لضمان استمرارية نجاحاتها وتحقيق شمولية أكبر في المجتمع ورغم وجود برامج لدعم الرياضة النسائية إلى أن التحديات الاجتماعية وثقافية ما زالت قائمة، كما أن الرياضة المدرسية تحتاج إلى عناية خاصة لتعزيز روح الرياضة منذ سن مبكر وتغذية الأندية بالمواهب لتصبح قاعدة عريضة.
ان مستقبل الرياضة في السعودية مبشر، ولكن يتطلب الأمر استمرارية في العمل ومرونة في مواجهة التحديات ووعي مجتمعي بأهمية الرياضة كجزء اساسي من حياة الفرد والمجتمع، رؤية السعودية 2030 وضعت الأساس الصحيحة إلى أن النجاح يعتمد على تكاتف الجميع، الحكومة، الأندية، المدارس، والأفراد ويمكن القول أن الرياضة السعودية تسير بخطى ثابتة نحو الاحترافية والتأثير العالمي فهذه الرحلة ليست مجرد محاولة للوصول إلى القمة بل هي تجسيد لطموحات عميقة تعكس رؤية المملكة نحو مستقبل أكثر صحة وحيويه وتنافسية.