• شهد الحازمي

في وقت أصبحت التقنية من اساسيات الحياة وترتبط بالخدمات اليومية من تعليم و عمل و صحة بات أفراد المجتمع كباراً وصغاراً أكثر وصولا لها وتعلقاً بها ويحتوي عالم المجتمع الالكتروني الافتراضي العديد من المشاكل والمخاطر والقضايا السلبية التي تؤثر على الحياة وأمننا و أبرزها التنمر الالكتروني الذي يصنف بأنه ابرز مشاكل العصر الحديث المرتبطة بالتقنية فالتنمر الالكتروني هو تعمد ايذاء او مضايقة الاخرين بطريقة متكررة و عدائية عن طريق وسائل الانترنت ( الايميل ، العاب الإلكترونية، وسائل التواصل الاجتماعي مثل الانستقرام و التويتر).

ويتضمن التنمر الالكتروني على الاعتداء اللفظي عبر الإنترنت مثل التعليقات والمنشورات والرسائل التي تحتوي على الشتائم والعبارات التي تحضّ على الكراهية أو العنصرية بهدف مضايقة و ازعاج شخص او مجموعة من الأشخاص والتنمر الإلكتروني يكون ايضاً عند نشر معلومات شخصية على الملأ دون استئذان من صاحبها و سرقة الحسابات الشخصية للشخص و استعمالها لأهداف غير مقبولة بهدف التطفل على خصوصية الشخص وحياته .

دوافع وأسباب المتنمر

رغبة المتنمر في التحكم بالأخرين ومحاولة اثبات ذاته ، والشعور بالغيرة من الآخرين و إنجازاتهم و الرغبة بالانتقام والفراغ الذي يعاني منه الشباب و عدم وجود اهداف يسعى الفرد لتحقيقها و محاولة المتنمر تحسين صورته الاجتماعية والجهل الذي يقلل وعي المتنمر بمخاطر التنمر.

كما ان الجو الأسري يساهم بشكل كبير في حدوث التنمر بحيث اذا كان الجو يتسم بالصراعات و العنف النفسي والمادي و سوء المعاملة قد يلجئ الشخص الى التنمر الألكتروني كوسيلة لحل مشاكله ولتفريغ غضبه بدلاً من محاولة إيجاد حلول صحية.

وقال الأخصائي الاجتماعي ابراهيم الحربي ، أن الأسرة والبيئة هي السبب الرئيسي للتنمر، حيث إذا تجاهلت الأسرة والمدرسة وغيرها من البيئة المحيطة بالأطفال والمراهقين ظاهرة التنمر وتعاملت معها بالإنكار صارت البيئة حاضنة خصبة لهذه الظاهرة التي تنتشر بكثرة

و أكد الحربي إن أغلب الأطفال المتنمرين تعلموا التنمر من عائلاتهم، إضافة إلى أن بعض الالقاب السيئه التي تطلق على الطفل ثُبتت كـ “اسم” رسمي للأسف، والتساهل بـ الالقاب السيئه وتقبلها هو من ساهم في انتشار التنمر.

التنمر الالكتروني و التنمر في الواقع

يوضح محمد العليان الناشط الاعلامي ، أن أنواع التنمّر الإلكتروني هي ذاتها أنواع التنمر العامة ، باستثناء الاعتداء الجسدي، إذ يتعذر ذلك على شبكة الإنترنت، ولكن التنمر الإلكتروني قد يكون مقدمة للاعتداء والتنمر الجسدي وأضاف العليان ان بيئة التنمر في الواقع محدوده ويشارك فيه أشخاص معدودون وترتبط بأزمنه وأماكن محددة على عكس التنمر الإلكتروني الذي يتسم في الانتشار على نطاق واسع وتشارك به شريحة كبيرة ولا يحتاج الى مكان و زمان محدد لحدوثه

من تنمر الى تعاطف و دعم

قالت عائشة السقاف الحاصلة على درجة الماجستير في إدارة مشاريع الابتكار والإبداع، انها ابتكرت أجهزة لبيع البطاريات للجوال للاستخدام لمرة واحدة للطوارئ، وجهاز لبيع الكمامات والقفازات، و وضعت الجهاز في المراكز التجارية، و انها شرحت طرق استخدامه للرواد. لكن أدى ذلك الى حالة هائلة من التنمر من جانب رواد مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت التشكيك في اختراعها،

و ذكرت السقاف « ان تم اتهامي من البعض بسرقة الابتكار الذي قدمته، ووصفوه المتنمرون بأنه مشبوه وأنه صناعة غير سعودية. وقد طلب مني المتنمرون بيع سجادات الصلاة للاستخدام مرة واحدة. ونتيجة لذلك، عادت المراكز التجارية التي وافقت على عرض الجهاز وطلبت مني حذف ما نشرته عن الاختراع بعد الاتهامات الجائرة التي ساقها متنمرو منصات التواصل ضد الاختراع.»

و تابعت « ان ذلك أخرجني عن صمتي، فقمت بتسجيل مقطع فيديو نشرته على حسابي على مواقع التواصل الاجتماعي، لأشتكي ما تعرضت له من تنمر، مطالبةً بالنقد البناء الذي استفيد منه شخصيًا وأطور من أعمالي». أمام ذلك أعاد وزير الاتصالات مشاركة تغريدة السقاف التي تشتكي فيها من التنمر ضدها وضد مشروعها، وقال: «نحن فخورون بك يا مبدعة، سيتواصل معك زملائي في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات»، وهو ما أسهم في تغيير مسار القصة كاملة من الانهيار والفشل واليأس إلى الدعم الرسمي والشعبي والإعلامي عبر مستويات عديدة ليتحول التنمر إلى حالة تعاطف ودعم، ويتحول الخوف من دعم مشروعها إلى مبادرات داعمة وفخورة بها، ويتحول هذا الخذلان المؤقت إلى نقطة تحول لتصبح حديث وكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، وينمو عدد متابعيها على منصة «تويتر» في أيام قليلة من ٧ آلاف متابع إلى أكثر من ٢١ ألف متابع

الأبحاث والدراسات

أوجدت الدراسات والأبحاث التي اجرتها جامعة فلوريدا ان 1 من بين 5 أشخاص ممن يستخدمون الإنترنت متورطون في التنمر الإلكتروني , و 7 من بين 10 اشخاص تعرضوا للتنمر الالكتروني. كما أوضحت الدراسات والأبحاث ان 64% من الأطفال و المراهقين اثر عليهم التنمر الالكتروني بشكل سلبي على مستواهم الدراسي و الاجتماعي و النفسي ، و 18% من الضحايا فقط يبلغ أحد الكبار حول تعرضه للتنمر.

التنمر الإلكتروني جريمة معلوماتية

أكد المحامي محمد الغامدي، إن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية نص على عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنة واحدة وغرامة مالية لا تتجاوز 500 ألف ريال أو بإحداهما، لمن يمس الحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة أو ما في حكمها.

وأوضح الغامدي أن الجهات الأمنية تبذل جهودًا كبيرة في التعامل مع بلاغات الجرائم المعلوماتية على مواقع التواصل والمنصات الأخرى، كما تستطيع الوصول للمتنمر وتحديد مكانه حتى ولو كان متخفيًا باسم مستعار.

حلول متعددة للحد من التنمر الإلكتروني

الأسرة تعد أولى المؤسسات المعنية بمواجهة ظاهرة التنمر الإلكتروني، إذ ينبغي أن يكون الآباء على قدر عال من الوعي بالسلوك التنمري الذي يمارسه أبناؤهم وأن يبينوا الآثار السلبية المترتبة عليه حتى يمكن تجنيب أبنائهم تداعيات تلك السلوكيات.

وهذا ما يرتبط ببناء علاقات أسرية متعاونة ومتحابة بعيدة عن العنف الأسري وممارسة السلوك التنمري، والعمل على تجنيب المراهق مشاهدة العنف داخل الأسرة. لذلك، على الأسرة العمل على إبعاد المراهق عن مشاهدة العروض والمشاهد التلفزيونية وأفلام العنف والتنمر .

و لذا ينصح بتوطيد العلاقة بين الآباء والأبناء، وتعزيز سبل التواصل اليومي بينهم، وتجنب ضربهم. مع مدحهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم منذ الصغر، بالإضافة إلى أهمية تدريبهم على سبل التصدي للمضايقات اللفظية لحماية أنفسهم من الضرر، وذلك من خلال تعلم الأطفال حماية كلمات المرور الخاصة بهم، وتفاصيل الحسابات على الإنترنت، والتحفظ على الصور الخاصة بهم حتى لا يمكن استغلالها من جانب المتنمرين، والانتباه جيدًا قبل نشر أي موضوع خاص يتعلق بهم قد يستخدم ضدهم مع ضرورة المحافظة على خصوصية معلوماتهم الشخصية عن الغرباء، كما يُفضّل عدم التعبير عن العواطف الحقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي بأي حال من الأحوال .

وتعد المدرسة أيضًا إحدى الوسائط المنوط بها القيام بعدد من الأدوار الضرورية لترسيخ القيم الإيجابية بين الطلاب، وغرس مبدأ التسامح والصداقة للحد من التنمر في المجتمع. ومن ثم. تعمل المدرسة على إشراك الطلبة ضحايا التنمر في الأنشطة الاجتماعية التي تناسب اهتماماتهم الزيادة ثقتهم بأنفسهم ومن تقدير الذات لديهم.