- شروق الجهني.
منذ تعيينه وليًا للعهد في عام 2017، قاد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تحولات جذرية في المملكة العربية السعودية، مستهدفًا إصلاحات اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق، تحت مظلة “رؤية السعودية 2030”. من تعزيز الاقتصاد إلى تمكين المرأة، ومن مكافحة الفساد إلى تطوير السياحة، أصبح الأمير محمد الشخصية الأكثر تأثيرًا في المشهد السعودي الحديث.
النشأة والتعليم
وُلد الأمير محمد بن سلمان في 31 أغسطس 1985 في العاصمة الرياض، وهو الابن السادس للملك سلمان بن عبدالعزيز. تلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدارس الرياض، وكان من المتفوقين في دراسته. التحق بجامعة الملك سعود حيث حصل على شهادة البكالوريوس في القانون، وأبدى منذ صغره اهتمامًا بالإدارة والاقتصاد.
البداية السياسية والمسيرة المهنية
دخل الأمير محمد عالم السياسة مبكرًا، حيث بدأ مستشارًا في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء عام 2007. لاحقًا، انتقل للعمل مع والده عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض، مما أتاح له فرصة اكتساب الخبرة في إدارة الشؤون العامة. في عام 2015، وعند تولي الملك سلمان الحكم، تم تعيين الأمير محمد وزيرًا للدفاع ورئيسًا للديوان الملكي، ليصبح بذلك أحد أهم صانعي القرار في المملكة.
رؤية السعودية 2030: إعادة تشكيل الاقتصاد
في 25 أبريل 2016، أطلق الأمير محمد بن سلمان “رؤية السعودية 2030”، وهي خطة طموحة تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الدخل عبر تعزيز القطاعات غير النفطية مثل السياحة، والتكنولوجيا، والاستثمار. يقول الأمير محمد في أحد لقاءاته:
“نريد أن نعيش في عالم يتجاوز النفط، نحن نملك إمكانيات ضخمة، ونحن قادرون على تحقيقها”.
أحد أبرز مشاريع الرؤية كان إطلاق “نيوم”، وهي مدينة مستقبلية تعتمد على التقنيات الحديثة والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى مثل “القدية” و” البحر الأحمر”، التي تهدف إلى وضع المملكة على خريطة السياحة العالمية.
تمكين المرأة والإصلاحات الاجتماعية
شهد عهد الأمير محمد تغييرات كبيرة في المجتمع السعودي، حيث تم منح المرأة حقوقًا إضافية، مثل السماح لها بقيادة السيارة، وزيادة فرصها في سوق العمل، وتمكينها من ممارسة أدوار قيادية في مختلف القطاعات. تقول سارة العتيبي، وهي موظفة في القطاع المالي:
“لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من قيادة سيارتي إلى العمل يومًا ما، لكن هذه الإصلاحات غيرت حياتنا”.
مكافحة الفساد: حملة غير مسبوقة
في نوفمبر 2017، أطلق الأمير محمد حملة واسعة لمكافحة الفساد، حيث تم توقيف عدد من المسؤولين ورجال الأعمال البارزين للتحقيق في قضايا مالية. خلال لقاء تلفزيوني، صرح الأمير محمد قائلًا:
“لا يمكن أن نسمح للفساد أن يعيق تقدمنا، كل من يثبت تورطه سيحاسب، مهما كان منصبه”.
الحملة أدت إلى استعادة مليارات الدولارات للخزينة العامة، وعززت ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال في المملكة.
السياسة الخارجية والدور الإقليمي
على الصعيد الدبلوماسي، قاد الأمير محمد جهودًا لتعزيز دور المملكة في الساحة الدولية، حيث أجرى زيارات رسمية إلى الولايات المتحدة، وفرنسا، والصين، والتقى بزعماء العالم لمناقشة قضايا التعاون الاقتصادي والسياسي. كما أشرف على تحالفات استراتيجية إقليمية، بما في ذلك “التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب”، لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
المستقبل والطموحات القادمة
مع اقتراب عام 2030، يواصل الأمير محمد تنفيذ مشاريع تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي للابتكار والتجارة والسياحة. يرى الخبراء أن السعودية تمر بمرحلة تحول غير مسبوقة، حيث يتم بناء مدن ذكية، وتطوير بنية تحتية متطورة، ودعم قطاع الأعمال الناشئة.
في ظل قيادته، أصبحت المملكة العربية السعودية في قلب التغيير العالمي، مع توجهات طموحة لتطوير الاقتصاد والمجتمع. وبينما لا تزال التحديات قائمة، يبدو أن الأمير محمد بن سلمان عازم على تحقيق رؤيته لمستقبل أكثر ازدهارًا للمملكة وشعبها.